السبت، 12 مايو 2012

الباقـــــــــــــة الأولـــــــــــــى

بسم الله
السلام عليكم



قصص قصيرة جداً
د مسلك ميمون

1
……………..

  وجد الفقيه  الجلالي نفسه في مركب صيد في عرض البحر. لاحظ أنّ معظم البحارة لا يصلون . أقلقه ذلك فقال لهم: لقد أضعتم نصف حياتكم. حثّهم على الصّلاة .انتفضت عاصفة قوية. ذعر الجميع. تمسكوا بالحبال خوفاً 
قال بحار للفقيه : أتحسن السّباحة ؟
هزّ الفقيه رأسه نافياً ، و عيناه جاحظتان ذعراً.
قال البحار آسفاً: لقد أضعتَ حياتك كلّها .


2
......................

    رحّب به الرّاهب و دلّه على حبل الجرس . ثمّ سأله : هل أنتَ متعلم ؟ قال :  لا . اعتذر له عن عدم تشغيله .. وجد مبتغاه بعد  ذلك في التّجارة ..  أصبح تاجراً كبيراً. أقام وليمة للوجهاء و الأعيان ... تحدثوا و أطنبوا في فضل العلــم و الثّقافة... اغتاظ و أسرّ في نفسه :  لو كنت متعلماً لبقيت العمرَ أقرعُ الجرس .




3
.....................

قال :إنّ ثلثي النّاس في بلدي هكذا: قد ينقطع القطرُ ،  يعمّ البلاء
و الفقرُ ،  تغلا المعيشة ،  تنتهي الذّخيرة ... يبكون و يتأوّهون .
 و قد ينزل القطرُ ،  يعمُّ  الرخاءُ و التَّمر ،  تبسط المعيشة ، تكثر الذخيرة ، يبكون و يتأوّهون !!
قلت مستفسراً : و الثلث  الباقي؟ !
قال : ذاك كسرٌ من الكسور ...


4

.......................

لمَّا اشتدّ عوده . قال لي لنتسابق .
 كان الطّريق طويلاً .
و الحرّ شديداً .
 قلت : لنتسابق .
 حين وصلت و أنفاسي تكاد تتقطّع . كان هو في نقطة البداية،يُرتّق نعله .
  
  

5
.......................

    لا أدري ما جعله يتكلم بلساني . يحلم أحلامي ،يشفق من حالي .و كلّما خاصمني النّاس أدلى بأعذاري ....
 حرت في أمــــره !!!
 ولقد ساورني  الشّك في ذاتي و ذاته ، حين جاء يوماً ،  يقاسمني مَتاعي ... !!



.....................

   كان في الشّارع العام ، قرب المستشفى . بثياب رثّة ، و لحية كثّة . يبيع..  لا أدري ماذا كان يبيع . صوته يتناهى مجلجلا .  جبينه يتفصّد عرقاً .  حوله بعض النّاس ينظرونه بغرابة .ابتعدت قليلا . ثمّ عدت أدراجي يحدوني الفضول . اقتربت أكثر فأكثر، لم أر شيئاً يباع:شاب في مقتبل العمر، يصرخ وسط الجمع :
ـ  دمي للبيع ، من يشتري دمي؟ كليتي للبيع ، من يشتري كليتي ؟
ـ ............................................... !!!



7
.........................

   لأنّني لم أرغب في إحراجه ، قلت له : إنّ لبنان بجانب سوريا . اندهش من كلامي و قال ممتعضاً : أعجب لك يا أخي ،  لماذا لا تقول : سوريا بجانب لبنان ؟
تجنباً لإحراجه قلت : ليكن ، سوريا بجانب لبنان .
ازداد امتعاضاً و قال بحدّة :  لماذا ليكن ؟ فهو كائن .
تجنباً لمزيد من الإحراج ، ورغبة في التّفاهم قلت : فهو كائن .
نظرني مندهشاً حائراً ، متلاعباً بنظراته ، ثُمّ قال : ما هذا الذي هو كائن ؟!
ــ ...............................................؟!


8
.........................

كان يحدثنا كثيراّ عن حسن السّلوك .  كنّا صغاراً لا نفهم ذلك.
 قال لنا يوماً : معلّمكم هذا هو السّلوك.ازداد الأمر اضطراباً وغموضاً.
في البيت : قال عمّي لأبي و هو يحاوره : انتهى السّلوك الطّيب ومات .
اندهشت، قلت لزميلي : غداً عطلة .
قال:  إلى متى ؟ !
قلت : إلى أن يأتينا سلوك جديد .



9
.......................

     حين قالوا عنه إنّه أحمق.قلت كيف يكون أحمق و هو يحبّني ؟ تركوني، انصرفوا . أمّا هو ظل ينظرني ببراءة و يبتسم .  جاء  بلحام مشتعل . قلت ماذا تريد بهذا ؟
قال مبتسماً بسمته البلهاء: يريدون فرقتنا .. أنا ..أنا أريد لحمتنا .
هربت من نار لحامه المتأججة صارخاً : أحمق .. أحمق ..
نظرني و قد غابت بسمته ، ثمّ قال : حتّى أنت ..؟!


10
...........................

   دخل الشيخ المعطاوي الطائرة ، ألقى نظرة على الأرائك المملوءة ، لفت انتباهه مقعد في المقدمة ، جلس وغطّ في نوم . نبهته المضيفة أنّ مقعده في الدرجة الثّانية ، تفحّص المقاعد، ثمّ أصرّ أن يبقى في المقدمة، عادت ونبهته أنّ المقاعد مرقّمة  حسـب درجتين ، لم يكترث،  تدخل شاب في الجوار،همس في أذنه , فهبّ الشيخ ضاحكاً إلى الدرجة الثانية. اندهشت المضيفة، وشوش الشّاب:قلت له فقط ، مقاعد المقدمة، خاصّة بالعزاب .


د مسلك ميمون



 ملحوظة:  لا أضع عناوين لقصصي القصيرة جداً و أترك ذلك لنباهة القارئ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق